أخبار الولاياتالرئيسيةالسياسة في موريتانيا

من العطش إلى الأمل: كيف غيّر مشروع المياه وجه مدينة نواذيبو؟

من العطش إلى الأمل: كيف غيّر مشروع المياه وجه مدينة نواذيبو؟

نواذيبو – تقرير خاص
في الزاوية الشمالية الغربية لموريتانيا، وعلى شاطئ المحيط الأطلسي، كانت مدينة نواذيبو ولسنوات طويلة ترزح تحت وطأة العطش، تكابد يوميًا نقصًا حادًا في مياه الشرب، وتنتظر بشغف بزوغ فجر يحمل لها الأمل. اليوم، وبعد رحلة امتدت من العام 2019 حتى 2025، تلوح في الأفق بشائر تحول جذري يقوده التزام رئاسي صريح وإرادة سياسية لا تساوم.

تعهد رئاسي يثمر إنجازات ملموسة

في لحظة فارقة، تعهد فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بوضع حد نهائي لمعاناة سكان نواذيبو مع العطش. لم يكن التعهد مجرد وعد انتخابي، بل تحوّل إلى خطة استراتيجية متعددة الأبعاد: مشاريع للتحلية، توسعة الشبكات، تقوية البنية التحتية، واستغلال الموارد الجوفية.

وفي مشهد طال انتظاره، وضع الرئيس حجر الأساس لأكبر مشروع لتزويد نواذيبو بالمياه الصالحة للشرب، في حفل وصفه السكان بأنه « بشارة الأمل » و »نقطة التحول » في تاريخ المدينة.

تحلية مياه البحر: من حلم إلى واقع

استجابة فورية من الرئيس لأولوية عاجلة، جاءت بتوجيه مباشر للجوء إلى البحر كمنقذ، فتم تدشين محطة لتحلية مياه البحر، شكلت قفزة نوعية في التفكير التنموي لموريتانيا. المشروع لم يكن مجرد استجابة لحاجة طارئة، بل تجسيدًا لرؤية طويلة الأمد تستثمر في الحلول المستدامة.

مشاريع متكاملة، نتائج ملموسة

المشروع الطموح لتقوية التزويد المائي لمدينة نواذيبو، الذي يشرف عليه فخامة الرئيس بشكل مباشر، يشمل منظومة متكاملة من المكونات الفنية:

استغلال المياه الجوفية: عبر تشغيل 10 آبار جديدة بطاقة 10 آلاف متر مكعب يوميًا، إضافة إلى 21 بئرًا قائمة.

شبكة كهربائية: بطول 15 كلم بجهد متوسط، و34.5 كلم بجهد منخفض، مدعومة بنظام تحكم عن بُعد.

نقل وتوزيع المياه: أنابيب بقطر 800 مم تمتد لـ76.55 كلم، ومحطة ضخ بطاقة 388.8 متر مكعب/ساعة.

تخزين متطور: خزان نصف أرضي بسعة 5000 متر مكعب.

شبكة توزيع جديدة: تمتد على 43.1 كلم، تشمل 3000 توصيلة جديدة للمنازل والمنشآت.

من الندرة إلى الاستدامة

في العام 2019، كانت نواذيبو تستهلك يوميًا حوالي 17 ألف متر مكعب من المياه فقط، وهو رقم يعكس حجم النقص مقارنة بالحاجة الفعلية. أما في 2025، فقد ارتفعت الكمية إلى أكثر من 27 ألف متر مكعب يوميًا، بنسبة زيادة تقدر بـ59%. هذا التحول يعكس ليس فقط تطورًا كمّيًا، بل أيضًا جودة في التخطيط والتنفيذ والرؤية.

مدينة تُحسد عليها نواكشوط

نواذيبو اليوم باتت مضرب المثل في الانبعاث التنموي، وقد أصبحت مدينة يُشار إليها بوصفها نموذجًا للتحول من الندرة إلى الاستدامة، من اليأس إلى الأمل، بفضل إرادة سياسية صدحت من أعلى هرم الدولة. مشهد لا يمكن إلا أن تحسده عليه مدن أخرى، وعلى رأسها نواكشوط التي لا تزال تواجه تحديات مائية مماثلة.

خاتمة: عندما يكون الوعد التزامًا

لم يكن وعد الرئيس مجرد خطاب سياسي، بل التزام عملي تُرجم إلى منشآت، وشبكات، ومحطات ضخ، وخزانات، وأمل جديد يتدفق من كل صنبور في نواذيبو. لقد طوت المدينة صفحة طويلة من العطش، وفتحت أخرى عنوانها: « التنمية تبدأ من الماء ».

Laisser un commentaire

Articles similaires