نواكشوط تختنق… والحكومة تحتفل بإنجازات على الورق
في وقتٍ تعيش فيه نواكشوط على وقع أزمات خانقة لم تشهد لها مثيلاً منذ أكثر من عقدين – من ارتفاع مهول في الأسعار، وتفشي الأوساخ والانقطاعات المتكررة للكهرباء، وتدهور في قطاعات الصحة والتعليم، وصولاً إلى حملات اعتقال واسعة تستهدف الأجانب – يواصل الخطاب الرسمي تجاهل الواقع المؤلم، بل ويقدم مؤشرات «نجاح» مثيرة للجدل.
ففي مؤتمره الصحفي الأسبوعي يوم الأربعاء، صرّح الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، أن برنامج تنمية نواكشوط قد بلغ نسبة تنفيذ تُقدّر بـ37٪، باستثناء مشروعين فقط، معتبراً أن هذا كافٍ لتقييم أداء الحكومة. تصريحٌ اعتبره مراقبون استخفافاً بمعاناة السكان وابتعاداً واضحاً عن أولويات المواطن البسيط.
وأضاف الوزير أن المشاريع التنموية التي أُطلقت خلال هذا العام، والتي بلغت كلفتها 320 مليار أوقية على نفقة ميزانية الدولة، شملت جميع بلديات موريتانيا. كما أوضح أن تنفيذ هذه المشاريع لا يرتبط بالمشاريع الكبرى السابقة في قطاعات استراتيجية كالماء والطاقة، والتي أنفقت عليها كذلك مئات المليارات.
لكن في الواقع، لا تزال نواكشوط تغرق في الظلام والقمامة، فيما تُرك المواطن يصارع من أجل لقمة العيش ورشفة ماء نظيف. أما المستشفيات والمدارس، فقد تحولت إلى رموز لفشل السياسات العامة، وسط غياب واضح للرقابة والمحاسبة.
برنامج تنمية نواكشوط، الذي أُطلق قبل أشهر بتمويل قدره 51 مليار أوقية وسقف زمني يصل إلى 16 شهراً، لم يترك أثراً ملموساً على حياة السكان حتى الآن، في وقت ترتفع فيه وتيرة الغضب الشعبي والمطالبات برحيل الحكومة، التي يعتبرها البعض «الأضعف» و«الأكثر فشلاً» في تاريخ موريتانيا الحديث.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، تبدو تصريحات المسؤولين وكأنها جزء من حملة علاقات عامة معزولة عن الواقع، تزيد من حالة الإحباط وتعمّق الفجوة بين السلطة والمجتمع؟