موريتانيا وإسبانيا: قمة استراتيجية لتعزيز التعاون في الهجرة والتنمية الاقتصادية
استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، صباح الأربعاء في نواكشوط، رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في زيارة رسمية تُوّجت بعقد أول قمة ثنائية بين البلدين، ناقشت ملفات الهجرة والتنمية والشراكة الاستراتيجية.
الهجرة والتنمية الاقتصادية
أحمد ولد بتار – موقع رابيد إنفو
نواكشوط، 16 يوليو 2025 – شهدت العاصمة نواكشوط صباح اليوم حدثاً دبلوماسياً بارزاً، تمثل في زيارة رسمية للرئيس الإسباني بيدرو سانشيز، الذي استقبله رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في مطار نواكشوط الدولي «أم التونسي»، في مستهل أول قمة ثنائية من نوعها بين موريتانيا وإسبانيا، ترمي إلى إرساء شراكة متعددة الأوجه بين البلدين.
ويرافق سانشيز وفد وزاري رفيع يضم سبعة وزراء يمثلون قطاعات حيوية تشمل الخارجية، الداخلية، النقل، الزراعة، الشمول الاجتماعي، التحول الرقمي والانتقال الإيكولوجي، ما يعكس الطابع الإستراتيجي لهذه القمة.
الهجرة… المحور الأول في القمة
تصدّرت ملفات الهجرة جدول أعمال القمة، باعتبارها أولوية مشتركة بين مدريد ونواكشوط. فموريتانيا تُعد بلداً محورياً في مراقبة مسارات الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، خاصة جزر الكناري الإسبانية.
القمة تأتي تتويجاً لاتفاق سابق جرى خلال زيارة سانشيز في أغسطس الماضي، حيث تم الإعلان عن عقد قمم ثنائية منتظمة بدءاً من عام 2025. وتؤكد الوثيقة المشتركة حينها على أهمية تعزيز الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، كما شددت على مفهوم « الهجرة الدائرية » التي تسمح بتبادل مؤقت لليد العاملة.
ديناميكية إقليمية أوروبية
وتأتي هذه القمة في سياق ديناميكية أوروبية أوسع، بعد زيارة مشتركة قام بها سانشيز في فبراير الماضي إلى نواكشوط برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وخلال تلك الزيارة، أعلنت أوروبا عن دعم مالي يزيد على 500 مليون يورو لموريتانيا، بهدف تعزيز تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والمساعدة في الحد من الهجرة غير النظامية.
كما ستتوسع الشراكة لتشمل مجالات أخرى مثل الصحة، الأمن، والتعليم، وستُعقد اجتماعات موازية بين الوزراء المعنيين من كلا البلدين لمناقشة الملفات ذات الاهتمام المشترك.
خلفية داخلية إسبانية حساسة
تتزامن هذه القمة مع نقاش داخلي في إسبانيا حول نقل القاصرين غير المصحوبين من جزر الكناري إلى مناطق أخرى داخل البلاد. وقد أعلنت كاتبة الدولة للهجرة، بيلار كانسيلا، نية الحكومة الإسبانية التوجه إلى المحكمة العليا للحصول على إذن قانوني بهذا الخصوص، بهدف تجاوز رفض بعض الأقاليم الإسبانية استقبال هؤلاء القاصرين.
وأكدت مصادر حكومية أن هذا الإجراء يهدف إلى ضمان حماية قانونية لهؤلاء الأطفال وتوزيع أكثر توازناً لمسؤولية استقبالهم.
منتدى أعمال وتعاون ثقافي
لم تقتصر القمة على البعد الأمني والمهاجراتي، بل شملت أيضاً الجوانب الاقتصادية، حيث سيشارك سانشيز في منتدى أعمال موريتاني-إسباني، يهدف إلى تعزيز الاستثمارات والتبادلات التجارية بين البلدين في قطاعات مثل الزراعة، البنية التحتية، والرقمنة.
وعلى المستوى الثقافي، من المرتقب توسيع نشاط معهد سرفانتس في نواكشوط، الذي كان يتبع سابقاً لمقره الرئيسي في الرباط، ما يعكس اهتماماً متزايداً بنشر اللغة والثقافة الإسبانية في موريتانيا.
قمة متعددة الأبعاد
تشكل هذه الزيارة الثالثة لسانشيز إلى موريتانيا منذ بداية ولايته دليلاً على الأهمية المتزايدة التي تكتسيها نواكشوط في المقاربة الإسبانية لقضايا إفريقيا والهجرة. كما أنها تمثل بالنسبة لموريتانيا فرصة لتثبيت موقعها كشريك إستراتيجي موثوق به على الساحة الإقليمية.
وبهذا، تُمثّل القمة الثنائية لحظة تحول في العلاقات الموريتانية-الإسبانية، مع إمكانية فتح آفاق أوسع نحو تعاون شامل ومتوازن ومبني على المصالح المشتركة.
© رابيد إنفو – جميع الحقوق محفوظة
نقلاً عن وكالات