حصيلة نصف الولاية الثانية للرئيس غزواني: بين الاستقرار والتحديات الاجتماعية والاقتصادية
في منتصف ولايته الثانية، يقدم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حصيلة متوازنة بين الإنجازات الاقتصادية والاستقرار السياسي، مقابل تحديات مستمرة على صعيد الحريات والعدالة الاجتماعية.
بينما يدخل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني النصف الثاني من ولايته الرئاسية الثانية، يبرز تقييم مرحلي لأدائه يكشف عن توازن دقيق بين الاستقرار المؤسسي، والمشاريع الاقتصادية الواعدة، والمطالب الاجتماعية الملحة التي ما تزال تنتظر حلولًا جذرية. في هذا التقرير، نستعرض أبرز مكاسب وإنجازات وتحديات المرحلة حتى يوليو 2025.
استقرار سياسي في محيط إقليمي مضطرب
منذ إعادة انتخابه عام 2024، نجح غزواني في تعزيز استقرار المؤسسات في البلاد، في وقت يعيش فيه الساحل الإفريقي تقلبات سياسية حادة وانقلابات عسكرية متتالية. وقد شكّل « الحوار الوطني الشامل » في 2024 إحدى محطات التهدئة رغم الانتقادات التي وجهتها المعارضة بشأن شموليته ونتائجه. ومع ذلك، ما زال المشهد السياسي الموريتاني يفتقر إلى ديناميكية حقيقية نحو إصلاح سياسي عميق.
مشاريع اقتصادية طموحة تنتظر التجسيد
يعوّل نظام غزواني على الثروات الطبيعية لإحداث نقلة اقتصادية، وعلى رأسها مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال (GTA) الذي دخل مرحلة الإنتاج التجاري أواخر 2023. ويُرتقب أن يساهم هذا المشروع في تعزيز الميزانية العامة وتوفير فرص عمل، ولو على المدى المتوسط.
بالموازاة، تم تعزيز الشراكات مع الاتحاد الأوروبي وبعض دول الخليج، في مجالات الطاقة والمعادن الخضراء، ما يشير إلى توجه استراتيجي طويل الأمد، لكنه لم ينعكس بعد على الحياة اليومية للمواطنين.
مكافحة الفساد: بين الرمزية والتطبيق
شكّل محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز محطة مفصلية في سياق مكافحة الفساد، وقد اعتُبرت إدانته خطوة رمزية مهمة نحو إرساء مبدأ المساءلة. كما تم تعزيز الرقابة المالية وتقارير محكمة الحسابات، غير أن الانتقادات لا تزال تطال ما يُعتبر « انتقائية » في تطبيق العدالة وغياب الشفافية الكاملة.
الإدماج الاجتماعي: جهود مبعثرة وتطلعات أكبر
رغم تواصل برامج المساعدة الاجتماعية تحت مظلة « التآزر »، ومشاركة الشباب والنساء في الوظيفة العمومية، فإن الفقر ما زال متفشيًا، خاصة في المناطق الداخلية والجنوبية. كما أن ملف الإرث الإنساني المرتبط بأحداث 1989–1991 لا يزال غائبًا عن الخطاب الرسمي، وسط دعوات للمصالحة الوطنية وإنصاف الضحايا.
الحريات العامة: انفراج محدود واستمرار التوجس
تشهد حرية الصحافة والمجتمع المدني بعض الانفراج مقارنة بالعقود الماضية، لكن لا تزال هناك حالات توقيف أو استدعاء لصحفيين ونشطاء، إضافة إلى تضييق على حرية التعبير عبر الإنترنت، حسب تقارير منظمات حقوقية دولية. الالتزام الرئاسي بالحريات الدستورية لا يزال في مرحلة التصريحات أكثر منه في مجال الممارسات.
الشباب، التوظيف والخدمات العمومية: الحلقة الأضعف
يُعد بطالة الشباب من أكثر التحديات إلحاحًا، إذ أن جهود التكوين والإدماج لم تُثمر بعد عن نتائج ملموسة. كما يشكو قطاعا التعليم والصحة من ضعف البنية التحتية، وقلة الكوادر، وتكرار الإضرابات، في ظل بيروقراطية إدارية تُبطئ وتيرة الإصلاحات.
هل يجرؤ غزواني على التحول من التسيير إلى التغيير؟
في نصف ولايته الثانية، نجح الرئيس غزواني في تعزيز الاستقرار وفتح آفاق اقتصادية، لكنه لا يزال متردّدًا في الخوض في الإصلاحات العميقة المرتبطة بالعدالة الاجتماعية، والذاكرة الوطنية، وتوزيع الثروة. ويُتوقّع أن تشكّل السنوات المتبقية من حكمه اختبارًا حقيقيًا لقدرته على الانتقال من منطق « الاستمرار » إلى منطق « التحول الجريء ».
الرئيس الموريتاني يشرف على تدشين مشاريع تنموية كبرى في نواكشوط