مدريد – يختتم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، برنامجه الدولي للسنة السياسية الجارية بزيارة رفيعة المستوى إلى موريتانيا، تتبعها جولة دبلوماسية في أمريكا اللاتينية تشمل تشيلي وأوروغواي وباراغواي. تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في وقت حاسم، وتهدف إلى تعزيز الشراكات الثنائية، وتوسيع التعاون الاقتصادي، والدفاع عن القيم الديمقراطية.
ومن المقرر أن يشارك سانشيز، يوم الأربعاء المقبل، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، في أول قمة رفيعة المستوى بين إسبانيا وموريتانيا، بحضور عدد من وزرائه ومجموعة من كبار رجال الأعمال الإسبان.
نواكشوط تحتضن قمة حاسمة
تشكل هذه القمة خطوة نوعية في العلاقات الثنائية، حيث تضع موريتانيا في مصاف الدول الإفريقية التي تنظم معها إسبانيا قمماً منتظمة، على غرار المغرب والجزائر. وتهدف القمة إلى تعميق التعاون في مجالات متعددة من أبرزها الهجرة، والأمن، والصحة، والتنمية الاقتصادية.
وستكون قضية الهجرة في صدارة جدول الأعمال، حيث تعتبر موريتانيا شريكاً محورياً في التصدي للهجرة غير النظامية نحو جزر الكناري. وفي هذا السياق، سبق أن زار سانشيز نواكشوط في فبراير الماضي برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وأعلنا عن حزمة دعم أوروبية تتجاوز 500 مليون يورو لتعزيز التنمية ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
يأتي هذا الاجتماع تنفيذاً للاتفاق الذي تم بين سانشيز والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال زيارته السابقة في أغسطس، حيث تم التفاهم على عقد قمم ثنائية بشكل دوري اعتباراً من عام 2025. وشدد البيان المشترك آنذاك على أهمية التعاون من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وعلى تطوير مفهوم الهجرة الدائرية.
أجندة خارجية رغم التوترات الداخلية
رغم التحديات السياسية الداخلية التي يواجهها سانشيز، بما فيها تداعيات قضية « كولدو » والانقسامات داخل الحزب الاشتراكي، لم تتأثر أجندته الدولية. فقد شارك في الأسابيع الأخيرة في عدة قمم دولية من بينها قمة الناتو في لاهاي، والمجلس الأوروبي في بروكسل، ومؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية في إشبيلية، كما حضر مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا في روما.
من موريتانيا إلى أمريكا اللاتينية: دبلوماسية اقتصادية ودفاع عن الديمقراطية
بعد أربعة أيام من قمة نواكشوط، سيتوجه سانشيز إلى أمريكا اللاتينية، حيث يبدأ جولته من تشيلي بلقاء مع الرئيس غابرييل بوريك في 21 يوليو. وسيشارك القادة في قمة من أجل الديمقراطية إلى جانب رؤساء البرازيل و كولومبيا و أوروغواي، تحت شعار « الديمقراطية دائماً »، بهدف تعزيز الحكم الديمقراطي، ومحاربة التضليل الإعلامي، والحد من الفجوة الاجتماعية، وتنظيم التكنولوجيا الناشئة.
وسيعرض المشاركون خلاصات هذا اللقاء في الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.
بعد تشيلي، سينتقل سانشيز إلى مونتيفيديو للقاء الرئيس الأوروغوياني ياماندو أورسي في 22 يوليو، ثم إلى أسونسيون في باراغواي للقاء الرئيس سانتياغو بينيا وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية، إلى جانب حضوره حفل تكريمي للصحفية والكاتبة الإسبانية الراحلة جوزفينا بلا، إحدى رائدات الحركة النسوية في باراغواي.
إسبانيا على خريطة التأثير الدولي
تعكس هذه الجولة الطموح الإسباني في ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في الحوار بين أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، من خلال مقاربة قائمة على التعددية والتعاون الاقتصادي والدفاع عن الديمقراطية.