بورتريه السيدة زينبُ منت أحمدناه: شخصية صاعدة في المشهد السياسي الموريتاني
إعداد: «رابيد إنفو» – نواكشوط
تُجسّد السيدة زينبُ منت أحمدناه، وزيرة التجارة والسياحة الحالية، نموذج المسؤولة السامية التي صقلتها التجربة، ويُميزها الجَدُّ والاستحقاق والالتزام الدائم في خدمة مؤسسات الجمهورية. تنحدر من مدينة بوتلميت بولاية الترارزة، وقد تدرجت، بصفتها إدارية مدنية، إلى أعلى هرم الجهاز التنفيذي، وفرضت نفسها كواحدة من أبرز الوجوه النسائية في حزب الإنصاف الحاكم.
مسار أكاديمي راسخ في القانون العام
حصلت زينبُ منت أحمدناه على شهادة الماجستير في القانون العام من جامعة نواكشوط سنة 2004 بميزة « جيد ». بدأت مسيرتها المهنية بعيداً عن دوائر السلطة، حيث دخلت ميدان التعليم الأساسي في مدينة أطار عام 1996، ثم تولّت إدارة أكبر مدرسة ابتدائية في مقاطعة توجنين (1997–2004)، وتميّزت فيها بنتائج مشهودة حازت على إشادة رسمية من وزارة التهذيب الوطني.
صعود جمهوري عبر المؤسسات
في عام 2005، شكّل انضمامها لوزارة الداخلية نقطة تحول بارزة في مسيرتها المهنية. شاركت بنشاط في إدارة المسار الانتقالي للانتخابات بوصفها رئيسة مصلحة الشؤون السياسية، ثم مديرة مساعدة لإدارة ترقية الديمقراطية. وأسهمت في صياغة النصوص القانونية الانتخابية آنذاك، وأشرفت على تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية.
لقد مهد لها التزامها الصارم ومهنيتها الطريق نحو منصب غير مسبوق للنساء في البلاد: حاكمة مقاطعة تفرغ زينه (2007–2008)، ثم أصبحت في عام 2008 أول امرأة تُعيَّن والية على ولاية لبراكنه. وقد مثّل ذلك اختراقاً رمزياً في بيئة طالما هيمن عليها الرجال، ما يعكس تزايد الثقة من قبل السلطات في قدراتها.
بين عامي 2011 و2020، تقلدت عدّة مناصب استراتيجية في وزارة الداخلية، لا سيما في مجالات التعاون والبرمجة والتنسيق في الشؤون السياسية.
تكنوقراطية في خدمة التنمية
شكّل تعيينها سنة 2020 كأمينة عامة لوزارة التنمية الريفية دخولها الفعلي إلى قطاعات الإنتاج. وقد أشرفت على تنظيم أول معرض لمنتجات الثروة الحيوانية في تمبدغه، وهو حدث بارز نُظِّم تحت رعاية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
ثم عادت إلى وزارة الداخلية كأمينة عامة، قبل أن تُكلف بمناصب وزارية أكثر حساسية: وزيرة أمينة عامة للحكومة، وزيرة للوظيفة العمومية، ثم وزيرة للتشغيل والتكوين المهني عام 2023، قبل أن تعود مجددًا إلى وزارة الوظيفة العمومية في نفس السنة. ومنذ يوليو 2024، تتولى منصب وزيرة التجارة والسياحة، وهو قطاع محوري في البرنامج الاقتصادي للحكومة.
مناضلة سياسية متجذّرة
إلى جانب مسؤولياتها الإدارية، تُعد السيدة زينبُ منت أحمدناه مناضلة نشطة في حزب الإنصاف. فمنذ تأسيس الحزب، كانت حاضرة بقوة في هيئاته، وهي اليوم عضو في المجلس الوطني للحزب. وقد قادت عدة حملات انتخابية، من أبرزها حملة دار النعيم عام 2018، ولعبت دوراً محورياً في الحملة الرئاسية للرئيس الغزواني في مقاطعة تفرغ زينه.
تكريمات وتقدير رسمي
في عام 2015، حصلت على وسام فارس في الاستحقاق الوطني. وبعد خمس سنوات، تم توشيحها بوسام فارس في الاعتراف الوطني من طرف رئيس الجمهورية، تقديراً لمسيرتها النقية والتزامها في خدمة الدولة.
شخصية هادئة وفاعلة
تُتقن السيدة زينبُ منت أحمدناه اللغتين العربية والفرنسية، وتُعرف بانضباطها وجديتها، وهي من النوع الذي يفضل العمل على الأضواء الإعلامية. تنتمي إلى جيل من التكنوقراط الذين جمعوا بين الولاء السياسي والكفاءة الإدارية والإخلاص لخدمة الدولة.
في مشهد سياسي لا يزال يواجه تحديات الحوكمة والتنمية، تبرز زينبُ منت أحمدناه كأحد الوجوه النسائية المؤثرة في الجهاز التنفيذي الموريتاني. ويبقى السؤال: ما هو الدور الذي ستلعبه في التوازنات القادمة، مع تسارع التحولات داخل الحزب والدولة؟